مركز الاستقلال للدراسات الاستراتيجية يعقد ندوة حول واقع التعليم العالي في فلسطين بعد السابع من أكتوبر
27 أكتوبر 2025

مركز الاستقلال للدراسات الاستراتيجية يعقد ندوة حول واقع التعليم العالي في فلسطين بعد السابع من أكتوبر

عقد مركز الاستقلال للدراسات الاستراتيجية في جامعة الاستقلال ندوة علمية بعنوان “واقع التعليم العالي في فلسطين بعد السابع من أكتوبر”، بمشاركة نخبة من الأكاديميين والمهتمين بالشأن التعليمي.

وجرت الفعالية بحضور رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور نور الدين أبو الرب، مديرة المركز دكتورة كفاح مناصرة، عميد المراكز الجامعية دكتورة رحاب السعدي، وثلة من الباحثين والأكاديميين من مختلف الجامعات الفلسطينية.

رحب أ.د. أبو الرب بالحضور في جامعة الكل الفلسطيني، مشيرًا إلى أن تداعيات السابع من أكتوبر لم تقتصر على القطاع التعليمي فحسب، بل طالت مختلف جوانب الحياة الفلسطينية، من الزراعة والصناعة إلى الاقتصاد، وتطويق الحركة واتخاذ عقوبات مالية ممنهجة تستهدف تقويض أركان السلطة الفلسطينية وإرباك عملها وزعزعة الاستقرار المجتمعي.

وأكد أن رغم حجم المعاناة اليومية تحت الاحتلال الإسرائيلي، ما زال هناك إنتاج بحثي فلسطيني متميز وإنجازات علمية وصلت إلى محافل دولية مرموقة، مما يعكس صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على البناء والإنجاز والتحلي بعزيمة عالية للإنجاز والتطور الذاتي والمهني.

وختم أبو الرب بالتأكيد على أن الأمل لا يزال حاضراً في نفوس الفلسطينيين، مستشهدًا بقول الشهيد ياسر عرفات: “في نهاية النفق نور قادم”، مضيفًا أن هذا الصمود يشكّل صيانة للمشروع الوطني الفلسطيني، وصولًا إلى تحقيق الحرية وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القائمة على الديمقراطية والنزاهة والشفافية.

واستهلت الندوة بكلمة مديرة المركز د.مناصرة، لافتة إلى أهمية عقد مثل هذه الندوات في ظل الظروف الإنسانية الاستثنائية التي يمر بها أبناء الشعب الفلسطيني ومؤسساته التعليمية، لافتة إلى أن الاستمرار في العملية التعليمية هو أبلغ أشكال المقاومة، رغم ما تعرضت له الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة من دمار واسع، وارتقاء عدد كبير من الكوادر الأكاديمية والطلبة، إضافة إلى القيود المفروضة على جامعات الضفة الغربية وما نجم عن ذلك من تعطيل لبعض البرامج الدراسية وتعليق للمحاضرات.

وأردفت " ورغم ذلك واصل الكوادر الأكاديمية والطلبة رسالتهم التعليمية بتوجيهات من وزارة التربية والتعليم العالي، إيمانًا منهم بأن التعليم فعل مقاوم ووسيلة للدفاع عن الأرض والسيادة، وحق أساسي في المعرفة والحياة الكريمة".

كما بيّنت أن هذه الفعالية العلمية تهدف إلى الخروج بتوصيات ومخرجات عملية تُرفع لصناع القرار، للمساهمة في بلورة وصياغة سياسات وطنية تضمن استمرارية وديمومة العملية التعليمية بوصفها رافدًا أساسيًا للهوية الوطنية.

واستعرضت د. منى شلهوب المحور الأول المتعلق بالتحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي تواجه الجامعات الفلسطينية، حيث تم التنويه لتداعيات الانقسام السياسي وممارسات الاحتلال الإسرائيلي على حرية التعليم والتنقل الأكاديمي، وضعف الاستقرار السياسي على التمويل والتخطيط الاستراتيجي. كما تم التطرق إلى الأبعاد الأمنية وتأثير التصعيد على سلامة الطلبة والعاملين ونفسيتهم، ودور الجامعات في تعزيز السلم المجتمعي ونبذ التطرف. ومن الجانب الاقتصادي، تداول المشاركون الأزمة المالية المزمنة، صعوبة تحصيل الرسوم، ارتفاع نسب البطالة بين الخريجين، وتحديات تمويل المشاريع البحثية، واقتراح رؤية مستقبلية لتطوير سياسات تعليمية مرنة، وتعزيز الشراكات الأكاديمية الدولية، والاستثمار في التعليم المهني، وتوظيف التعليم لتعزيز الهوية الوطنية.

وفي المحور الثاني، تناولت د. صبا شنك عميدة البحث العلمي في الجامعة العربية الأمريكية " تأثير الحرب على جودة التعليم العالي والبحث العلمي"، مع التركيز على البعد البنيوي لتدمير المباني والمختبرات والمكتبات، وانقطاع الكهرباء والإنترنت وانعكاسه على النشاط التعليمي. كما ناقشت بعد الكفاءات الأكاديمية، بما في ذلك هجرة الأساتذة والباحثين وفقدان الجامعات لكفاءات مهمة وصعوبة تعويضها، إضافة إلى بعد التمويل والموارد الذي يشهد تراجعاً ملموسًا.

فيما أدلت د. علا حسين من جامعة القدس بمداخلة حول" التأثيرات النفسية والاجتماعية للحرب على الطلبة الجامعيين"، وإمكانية تحويل الجامعة إلى مساحة للشفاء النفسي والاجتماعي، لتصبح بيئة داعمة للطلاب والمعلمين على حد سواء. وتقديم أشكال وأساليب مساندة متنوعة من خلال توفير برامج إرشادية، ودورات دعم نفسي، وفعاليات مجتمعية، تتيح معالجة التوتر الناتج عن الأزمات والحروب، وتعزز الشعور بالانتماء والأمان الفردي. كما يمكن لهذه المبادرات أن تساهم في تمكين قدرات الطلبة لمواجهة التحديات المستقبلية، وتوطيد قيم التضامن والتعاون المجتمعي داخل البيئة الأكاديمية وخارجها.

وأبدى المشاركون اهتمام كبير بالمحاور المطروحة، كما عبروا عن آراءهم وتساؤلاتهم حوّل تأثير الأحداث الراهنة على التعليم العالي بجميع مكوناته، وتقديم حلول واستراتيجيات مبتكرة للتعامل مع الأوضاع الحالية والتكيف مع كافة حيثياتها، بما يكفل حاضنة تعليمية ملائمة وآمنة.