تحت رعاية ومشاركة وزير التعليم العالي والبحث العلمي أ.د. محمود أبو مويس، افتتحت جامعة الاستقلال، اليوم الثلاثاء، فعاليات المؤتمر الدولي الأول المشترك بين الجامعات الفلسطينيةوالموسوم بعنوان"تحديات اللغة والاتصال في عصر الرقمنة: قضايا وآفاق"، بالتزامن مع عقده في المحافظات الجنوبية.
وجاء ذلك بحضور رئيس الجامعة أ. د. نور أبو الرب، وعدد من رؤساء الجامعات الفلسطينية، وأعضاء اللجان العلمية والتحضيرية والفنية والإعلامية، وعدد من ممثلي البعثات الدبلوماسية والمؤسسات الأمنية والرسمية والأهلية.
وفي كلمته، قال أبو مويس: "أنقل لكم تحيّات راعي المسيرة وصاحب الحكمة والبصيرة سيادة الرئيس محمود عباس، ورئيس وزرائه الأمين، متمنياً لهذا المؤتمر النجاح والتوفيق والخروج بتوصيات مهمة ملموسة، واليوم نُكرّم لغتنا العربية المهددة؛ بالعولمة والانفتاح على اللغات الأخرى، فلغتنا غنية متألقة أصيلة لغة للقرآن ووطناً للعربي الإنسان".
وأضاف أبو مويس: "تسهم الجامعات في تعزيز اللغة العربية بتدريس جميع طلبتها مساقات إجبارية، كما تمنح كليّة الآداب فيها دراسات عُليا بهدف تخريج الكوادر المتميزة في تعليم اللغة العربية؛ بمراحل التعليم العام، والفصاحة وسمو اللسان قراءةً وكتابةً ونطقاً، وتلعب بعض برامج الدراسات العليا الفلسطينية دوراً مهماً في تعزيز مكانة الثقافة واللغة العربيتين لدى الطلبة الأجانب الملتحقين بها".
وتابع الوزير: "نفخر بجامعاتنا وإسهامات باحثيها وأعضاء الهيئة التدريسية في الترجمة للعربية، وإنتاج الأبحاث المتخصصة باللغة العربية المواكبة للتطور الحاصل، وتبحث في تأثّرها بالتقدم التكنولوجي، مؤكداً قدرة اللغة العربية على معاصرة مستجدات الخطاب العالمي".
وأشار أبو مويس إلى أن وضع البحث العلمي والابتكار في اللغة العربية يشهد تحسناً ملحوظاً؛ إلا أن الازدهار العلمي في ظل الرقمنة مرهون بإنتاج المعرفة التي تمثل الركيزة الأساسية لتحقيق التنمية المنشودة، مؤكداً أهمية الحفاظ على الهُوية من خلال اللغة العربية "مفتاح العلوم، وأن حوسبتها ورقمنتها هي مفتاح نهضة معرفية كاملة".
واستطرد أبو مويس: "نحن نُقتل كل يوم، ونواجه حرب إحلال وإبادة، فلنصطف وراء قيادتنا؛ أوفياء لشهدائنا وأسرانا، ولنجعل من الأكاديميين والبحث العلمي أداة مقاومة وصمود".
من جانبه، رحب أ. د. أبو الرب رئيس المؤتمر بالحضور في هذا اللقاء الذي يجمع شطري الوطن تحت مظلة واحدة، مؤكداً السعي الحثيث نحو التميز والإبداع في ضوء الظروف الصعبة والحصار الذي نعيشه من قبل الاحتلال الإسرائيلي وسيطرته على المنافذ البرية والبحرية والجوية، وسياساته القمعية بحق أبناء شعبنا من معاناة يومية، وتهجير قسري، والاعتداء على الأرض والوجود الفلسطيني.
وأردف أبو الرب" نحرص في جامعة الاستقلال على خلق جيل مسلح بالمعرفة والمهارات المعرفية و التدريبية اللازمة، بوصفهم جنود المستقبل وحماة الوطن والأرواح والممتلكات، وذلك بما ينسجم مع رسالة العلم السامية ويكفل بناء مؤسساتنا وعلو شأنها على الصعيدين المحلي والإقليمي، ما يستدعي الالتزام بالحوار البنّاء والتلاقي على أرضية صلبة مشتركة، وأن يقف كل عند مسؤولياته الوطنية والعلمية والثقافية".
وخلال كلمة مسجلة، أعرب أ.د. عمرو سلامة رئيس اتحاد الجامعات العربية عن سعادته بالدعوة، ورؤية المؤتمر الرامية إلى توحيد الجامعات الفلسطينية ضمن أضخم تجمع علمي أكاديمي، لتوطيد أواصر العمل الجماعي، وتعميم التجربة على نطاق واسع، باعتبار فلسطين الحاضنة الأولى للعقول الأكاديمية والبحث العلمي، شاكراً جامعة الاستقلال على رفد المجتمع بالطاقات العلمية وربط الانسان بالأرض.
وتطرق أ.د. سلامة إلى المبادرات التعليمية والاقتصادية المبذولة للتحول الرقمي في مختلف المجالات والحقول، والتوجه نحو تعريب العلوم في عدد من المراكز والجامعات العربية، وتفعيل حركة الترجمة و النشر الرقمي، ووضع حلول عملية لمواجهة التحديات التي تعترض اللغة العربية.
وأشار أ.د. عمر عتيق رئيس اللجنة العلمية من جامعة القدس المفتوحة، إلى دور الفضاء الرقمي في تعزيز وظائف اللغة الأساسية المتمثلة باكتساب المعرفة والارتقاء بالمجتمع، ما يتطلب من الجامعات الفلسطينية تبني استراتيجية واضحة تؤسس فكراً ومنهجاً قادراً على مساندة المرحلة الراهنة، ورسم آفاق المستقبل، وتقليص الفجوة الكمية والمعلوماتية بين المحتوى العربي والغربي، كون اللغة العربية كينونة وهوية وانتماء.
كما نوه عتيق إلى تصميم نموذج موحد لتحكيم الملخصات البحثية وفق نزاهة وشفافية عالية وبما ينسجم مع الموضوعات المطروحة، وذلك من قبل لجان متخصصة مع استضافة كفاءات نادرة في الوطن العربي لإضفاء الطابع القومي العلمي على المؤتمر، ومشاركة باحثين من 11 دولة عربية وأجنبية وأهمها الجزائر، تونس، المغرب، الأردن، ماليزيا، نيجيريا، و بريطانيا.
وعبر كلمة متلفزة لرؤساء الجامعات في قطاع غزة (الإسلامية، والأقصى، والأزهر، وفلسطين، وغزة)، شددوا على الدور الملموس لهذا المؤتمر في توحيد الواقع السياسي الفلسطيني، وتشجيع التعاون البحثي، وبلورة شراكة فاعلة مع كافة الجامعات الفلسطينية، وتبادل الأفكار النيرة بين الباحثين والمهتمين مع تطلعاتهم بأن يتمخض عن المؤتمر نتائج مثمرة وناجعة.
ومن جهتها، ثمنت د. ميس عودة رئيس اللجنة التحضيرية من جامعة الاستقلال جهود كافة اللجان على مدار عام كامل وجميع المساهمين بانطلاقة هذا المؤتمرونقله إلى حيز التنفيذ على أرض الواقع، وصولاً إلى تحقيق الغايات المرجوة والأهداف المنشودة.
وخلال كلمة المساهم في رعاية المؤتمر، نقل أ. نظام الزامل مدير إدارة الأفراد والفروع في البنك الإسلامي العربي تحيات مدير عام البنك السيد هاني ناصر، قائلاً "يأتي ذلك إيماناً بالمسؤولية المجتمعية التي تقع على عاتقنا، ضرورة الاهتمام بقضايا التعليم العالي على وجه الخصوص، ومواكبة المستجدات التقنية واحتياجات التطور السوقي العالمي، عبر تقديم خدمات مصرفية رقمية للعملاء، والعمل على تدشين فروع إلكترونية كاملة، من أجل توفير الوقت والجهد على المستخدمين".
ويشتمل المؤتمر على محاور عدة موزعة على أربعة جلسات في اليوم الأول، وسبعة أخرى في اليوم الثاني، وهي: تحديات اللغة والاتصال الرقمي، توظيف التكنولوجيا الحديثة في المؤسسات التعليمية، تحديات اللغة والاتصال الرقمي ظل جائحة كورونا، التعددية الثقافية في سياق العصر الرقمي، تحديات الترجمة في ظل التطور التكنولوجي.
وتخلل فعاليات المؤتمر، لوحة فنية قدمتها فرقة جامعة الاستقلال "براعم" على أنغام تراثنا الشعبية والفلكلورية، تلاها افتتاح معرض كتاب نظمته مكتبة بغداد الثقافية، حيث ضم مجموعات متنوعة من الكتب التي تحاكي التاريخ والقضية الفلسطينية.
وخرج المؤتمر بتوصيات عدة أبرزها: اعتماد استراتيجية توظيف الرقمنة المقاومة لترسيخ الرواية الفلسطينية، إنشاء مختبر لغوي لرصد المصلحات الإعلامية المترجمة وتحديد ضوابطها ومعاييرها بما يحقق خطاباً منفتحاً على الآخر، تفعيل العلوم الإنسانية والتطبيقية في الجامعات العربية، تأسيس منصة موحدة للتعليم الافتراضي موسومة بـ "كنعان"، تعزيز المحتوى العربي لخلق فكر ثقافي كوني تنموي.