"الاستقلال" و "مكافحة الفساد" و "المتابعة المالية".. تطلق برنامج الدبلوم المهني في مكافحة الفساد وغسل الأموال
أطلقت جامعة الاستقلال، بالتعاون مع هيئة مكافحة الفساد ووحدة المتابعة المالية، اليوم الإثنين، برنامج الدبلوم المهني المتخصص في مكافحة الفساد وجريمة غسل الأموال.
ويمثل هذا البرنامج تعاونًا وطنيًا نوعيًا يجمع بين الحاضنة الأكاديمية ممثلة بجامعة الاستقلال، ومؤسسة حامية النزاهة المتمثلة بهيئة مكافحة الفساد، والجهة الرقابية المختصة بتتبع الأموال ومصادرها ممثلة بوحدة المتابعة المالية، بما يعكس تكامل الجهود الوطنية في ترسيخ مبادئ الشفافية والمساءلة ومكافحة الفساد.
وجاء ذلك بحضور رئيس جامعة الاستقلال الأستاذ الدكتور نور الدين أبو الرب ونوابه، رئيس هيئة مكافحة الفساد المستشار رائد رضوان، ورئيس وحدة المتابعة المالية الدكتور فراس مرار، ورئيس هيئة الاعتماد والجودة الدكتور معمر اشتيوي ممثلاً عن وزارة التربية والتعليم العالي، إلى جانب عدد من مدراء التدريب لدى الأجهزة الأمنية، عمداء الكليات، أعضاء الهيئة التدريسية والأكاديمية.
وأعرب رئيس جامعة الاستقلال أبو الرب عن فخره بالشراكة الاستراتيجية مع وحدة المتابعة المالية وهيئة مكافحة الفساد، مؤكدًا أن هذا التعاون يصب في خدمة الدفاع عن حقوق المواطنين وتعزيز قيم النزاهة والشفافية والمساءلة في مؤسسات الدولة، وبناء ثقافة وطنية تجسد روح الانتماء والواجب وحس عال من المسؤولية.
وأضاف أن جامعة الاستقلال تمثل رمزًا للدولة الفلسطينية من خلال تخريجها نخبة من حماة الوطن المؤمنة بضرورة التسلح بثقافة الحفاظ على مقدرات الدولة وممتلكاتها وصون الحقوق والحريات، مشيرًا إلى إيمان الجامعة العميق بأهمية إنشاء دبلومات مهنية متخصصة للعاملين في مؤسسات الدولة عامة، و الأمنية منها بشكل خاص، بما يسهم في رفع كفاءتهم ورفد القطاع الحكومي بالكوادر والخبرات المؤهلة، وتمكينهم من أداء مهامهم بالمهارات المهنية اللازمة لمتطلبات العمل.
وأكد أن محاربة الفساد والجريمة تزداد أهمية وخطورة في ظل ما يعيشه الشعب الفلسطيني من معاناة يومية تحت براثن الاحتلال الإسرائيلي، مما يستدعي تضافر الجهود الوطنية لتمكين مؤسساتها كافة وتعزيز صمودها.
وقدم المستشار رضوان تقديره العميق وامتنانه لجهود الفريق الثلاثي القائم على تنفيذ هذا الدبلوم المهني وإتمامه في وقت قياسي. ويظهر هذا الإنجاز أن مكافحة الفساد ليست مجرد مهمة بوليسية أو تطبيق القانون فحسب، بل تتطلب أيضًا التركيز على مقاربة جديدة تهتم بالجوانب الأخلاقية والإنسانية.
مضيفًا " قد بدأت العديد من دول العالم منذ عام 2021 بالاهتمام بالتدابير الوقائية لمنع وقوع الجريمة، مع الحرص على تطوير كفاءات قادرة على التعامل مع أي جرائم محتملة، وذلك اعتمادًا على نظريات تعزز النزاهة وتضمن المساءلة والمحاسبة الفورية، ومنع المجرمين من الإفلات من العقاب". 
كما شدد على أن الانتماء يأتي قبل الوعي، لأن له أساسًا متينًا، لا سيما في ضوء استثنائيّة الحالة الفلسطينية  فالفساد له آثار مضاعفة ؛ كوننا في مرحلة بناء الدولة. لذلك، من الضروري تحصين وتمتين القطاعات كافة لمواكبة التحديات والتغييرات.
ونوه المستشار رضوان إلى هذا البرنامج يستهدف العاملين في المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية، آملًا أن يحقق النتائج المنشودة، مع متابعة تطوير مدخلاته في الاجتماعات المقبلة وإدخال التعديلات اللازمة بما ينسجم مع المستجدات الطارئة.
ومن جهته، شكر رئيس وحدة المتابعة المالية الدكتور فراس مرار فريق العمل القائم على إخراج هذه المبادرة إلى النور، مشيدًا بالأدوار التكاملية التي جمعت بين الجهات الثلاث، كلٌّ منها ضمن نطاق اختصاصها، إضافة إلى اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد التي كان لها دور فاعل في دعم هذه الخطوة، مشيدًا بنجاح العمل المشترك  على المستويين التشغيلي والمؤسساتي.
وأعرب الدكتور مرار عن اعتزازه بتوقيع مذكرة التفاهم مع جامعة الاستقلال عام ٢٠٢٣، لما كان لها من أثر ملموس تكلل بإطلاق هذا الدبلوم إلى جانب بحث إمكانية تنفيذ العديد من الأنشطة الثنائية المستقبلية المرتقبة.
وأشار إلى أهمية هذا البرنامج المتمثلة في إثراء المعرفة لدى المشاركين على أيدي خبراء متخصصين، وتقريبهم من الواقع العملي من خلال دمج الجانبين النظري والتطبيقي لإعداد كادر يمتلك الوعي والعلم قادرًا على اتخاذ القرارات السليمة وحل القضايا بحنكة  وإتقان.
وأوضح أن البرنامج لا يقتصر على السياق القانوني فحسب، بل يمتد ليشمل تعزيز الوعي بالخبرات الاقتصادية، ويأتي استجابة مباشرة لحاجة وطنية ملحّة تفرضها التطورات المعقدة في عالم الجريمة التقنية والرقمية، من خلال فهم أساليب غسل الأموال ومخاطر ارتكاب مثل هذه الجرائم، وترسيخ حس الامتثال للمعايير الدولية الناظمة لها، مختتمًا كلمته معربًا عن أمله في أن يشكّل هذا الدبلوم نموذجًا مهنيًا رائدًا يُحدث أثرًا ملموسًا في تطوير الكفاءات الوطنية العاملة في هذا المجال الحيوي.
ونقل الدكتور اشتيوي تحيات معالي وزير التربية والتعليم العالي الدكتور أمجد برهم وترحيبه بإعلان هذا البرنامج وأهميته على صعيد الرقابة ومكافحة الفساد. وأكد أن هذا البرنامج ليس مجرد نواة أكاديمية، بل يعكس إيمانًا بأن المعركة ضد الفساد لا تُخاض في قاعات القضاء فقط، بل تُبنَى في الجامعات؛ فجودة هذا البرنامج تقاس بما يرسخه من وممارسات سلوكية وأخلاقية لدى المنتسبين، حيث يمثل نقطة التقاء بين المعرفة والأخلاق، ونداءً لكل مسؤول ولكل طالب علم للتحلي بالمسؤولية في زمن تتشابك فيه المصالح والتحديات، ومساندة الوزارة للطرح التعليمي البناء ابتداء من مطابقته للمعايير والمواصفات المنصوص عليها مرورًا  ببيئة بيداغوجية محفزة للإبداع والابتكار وصولًا إلى  الحصول على شهادة علمية معترف بها.
مردفًا " هذا البرنامج بذرة لمشروع وطني متكامل، يهدف إلى تحسين البنية الهيكلية لمؤسساتنا، واستثمار الطاقات الكامنة فيها بأفضل صورة ممكنة، وجعل الإصلاح نهجًا دائمًا، من خلال إرساء الأمانة وإعلاء كلمة الحق".
وفي ختام اللقاء، استعرض الدكتور محمد اشتية عميد كلية القانون فكرة الدبلوم، وقدم تعريفًا موجزًا عن خلفيته وأهميته، المتمثلة في تحليل الأنماط المالية الجديدة، وفهم الأطر القانونية المحلية والدولية، والكشف عن آليات مبتكرة لمحاربة الفساد، وإعداد التقارير وتقديم مقترحات إصلاحية. كما أشار إلى الخطة الدراسية والمقررات المطروحة على مدار عام كامل والموزعة على ٣٢ ساعة تدريبية، والتي تسعى من خلالها لبناء منظومة مهنية متكاملة لحماية مقدرات الدولة.